الشرخ الذي لا يُرى
لتو قرأتُ كتاباً كان مرقونًا في مكتبتي الصغيرة، يتوارى بصمت خلف أغلفة اعتدت رؤيتها دون أن أمدّ يدي إليه. لم أتوقع أبدًا أن يحمل بين صفحاته هذا الثقل… هذا الشرخ الذي أحدثه داخلي.
أيعقل أن ينتحر الإنسان بسبب القبح؟ أم بسبب نظرة ذلك المجتمع الباردة؟
أتراها كانت نهاية حتمية؟
كل سؤال ترك داخلي رنينًا من وجع… لم يكن الألم من القصة وحدها، بل من الواقع الذي تتكرر فيه نفس المأساة، بأوجه مختلفة، وأصوات مكتومة، لكنها جميعًا تؤدي إلى ذات الصمت الأخير.
“كانوا يشعرونني بأنني إنسان غير عادي… منبوذ ومكروه من الآخرين”
كيف يمكن لمجتمع أن يُقصي إنسانًا فقط لأن ملامحه لا تُرضي أذواقهم؟
الإنسان القبيح يملك كل مقومات الحياة، كل الرغبة في الفرح، في الحب، في الاندماج… لكن المجتمع لا يمنحه ذلك.
الطبيعة لا تعترض، لكنها ليست من يحكم. الناس هم من يبنون ذلك الحاجز الشفاف، غير المرئي، بينه وبين العالم — حاجز من الكراهية المبطنة، من التهكم، من الرفض، لمجرد أنه مختلف
وهنا، وسط هذا الصمت الثقيل، يتضح أن الألم الذي يعيشه الإنسان القبيح ليس فقط جسديًا أو شكليًا، بل هو ألم الرفض والإقصاء، ألم الوحدة التي تُفرض عليه بلا رحمة. فالقبح، كما يراه المجتمع، ليس مجرد مظهر خارجي، بل وصمة تُلصق به تسرق منه فرص الحياة الكريمة، وتكبل روحه
“مأساتي الحقيقة هي في التناقض الصارخ بين شكلي وحقيقتي ولو أنهم وزعوا الجمال ليتلاءم مع إحساس الإنسان الداخلي لكنت أستحق شكلاً أفضل بالتأكيد “
كيف يمكن لنا أن نعيد تعريف الجمال والقيمة؟ هل نملك الجرأة لنرى ما وراء الوجوه، لنستمع إلى ما خلف الصمت؟ هل نستطيع أن نكسر هذه الدائرة التي تجعل من المختلف هدفًا دائمًا للنبذ؟
ربما يكون التغيير صعبًا، لكنه ضروري. لنبادر نحن، بأن نمنح من حولنا فرصة رؤية الجمال الحقيقي، جمال الروح والإنسانية، بعيدًا عن المظاهر وأحكام الظاهر
هذه الرواية لم تطرح سؤالًا عابرًا، بل صفعتني بالحقيقة: أن بعض الألم لا يُولد من الداخل، بل يُزرع فينا من نظرات الآخرين.
"لاتولد قبيحاً"-رجاء علّيش
#ادب مصري

